الغفاري مكة برسالة أبي سفيان، حين استأجره وأرسله إلى قريش، يعلمها طلب رسول الله ﷺ العير التي قدم بها أبو سفيان من الشام ويأمرها بالخروج لمنعها والذبّ عنها بثلاثة أيام - كأنّ راكبا أقبل على بعيره حتى وقف بالأبطح ثم قال بأعلى صوته: ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فمثل به بعيره فوق الكعبة ثم صرخ بمثل ذلك، ثم مثل به بعيره فوق أبي قبيس فصرخ بمثل ذلك، ثم أخذ صخره فأرسلها فأقبلت تهوي حتى ارفضّت فما بقي بيت من بيوت مكة إلا دخلته منها فلقة، فقال لها العباس: اكتمي رؤياك يا أخت، وخرج فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان له صديقا ونديما مع أبي سفيان بن حرب، فذكر له الرؤيا فأخبر بها الوليد أباه عتبة، ففشا الحديث حتى جعلت قريش تقول:
امضوا بنا إلى الوليد بن عتبة نسأله عن رؤيا عمّه محمد، ولقي أبو جهل العباس فقال: يا بني عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه النّبية! أما رضيتم ان يتنبأ رجالكم حتى تنبّت نساؤكم! والله لئن مضت ثلاثة أيام ولم يكن لهذه الرؤيا تأويل لنكتبنّ عليكم كتابا أنكم اكذب العرب. قال العباس:
فانكرت الرؤيا، ثم لم يلبث ان جاء ضمضم وقد جدع أنف بعيره وحوّل رحله وشقّ قميصه وهو يقول: اللطيمة اللطيمة، أموالكم أموالكم، فقد عرض لها محمد، الغوث الغوث! فتجهز الناس سراعا، وخاف العباس على نفسه فخرج معهم ليوري بذلك عليهم، وأطعم مع المطعمين تجلدا، وأظهر انه داخل فيما دخلوا فيه لئلا يقال انه مسلم فيصيبوه بشرّ. وقالت عاتكة بعد بدر: