للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد ضللتم بقتال المؤمنين، وإن كان كافرا فقد بؤتم بسخط من الله لفراركم من الزحف، وأما المتعة فقد بلغني أن رسول الله رخّص فيها، وأن أول مجمر سطع في المتعة لمجمر في آل الزبير.

حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده، وعن أبي مخنف وعوانة قالوا: قال عبد الله بن الزبير يوما وهو على منبر مكة وابن عباس حاضر: إن هاهنا رجلا أعمى الله قلبه كما أعمى بصره، يزعم أن متعة النساء حلال من الله ورسوله، يفتي في القملة والنملة وقد حمل ما في بيت مال البصرة وترك أهلها يرضخون (١) النوى، وكيف يلام على ذلك وقد قاتل أمّ المؤمنين وحواري رسول الله ومن وقاه بيده، يعني طلحة، فقال ابن عباس لقائده - يقال انه سعيد بن جبير مولى بني أسد بن خزيمة-: استقبل بي ابن الزبير، ثم حسر عن ذراعيه فقال: يا بن الزبير:

إنّا إذا ما فئة نلقاها … نردّ أولاها على أخراها

حتى يصير ضرعا دعواها … «قد أنصف القارة من راماها» (٢)

يا بن الزبير: أما العمى فان الله يقول ﴿فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ (٣)، واما فتياي في القملة والنملة فان فيهما حكمين لا تعلمهما أنت ولا أصحابك، وأما حمل مال البصرة فانه كان مالا


(١) - رضخ الحصى: كسرها، والمرضاخ حجر يرضخ به النوى. القاموس.
(٢) - هذا العجز مثل انظره في كتاب الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام - ط. دمشق-١٩٨٠ ص ١٣٧ جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري - ط. القاهرة ١٩٦٤ ج ١ ص ٥٥ - ٥٦.
(٣) - سورة الحج - الآية:٤٦.