وأنا أدعوك إلى الله وحده، وأن تذر اللات والعزى فإنهما لا ينفعان ولا يضرّان. فقال علي: ما سمعت بهذا الدين إلى اليوم، وأنا أستأمر أبي فيه.
فكره النبي ﷺ أن يفشي ذلك قبل استعلان أمره. فقال: يا علي، إن فعلت ما قلت لك، وإلا فاكتم ما رأيت. فمضى ليلته. ثم غدا على رسول الله ﷺ فقال له: أعد عليّ ما قلت. فأعاده. فأسلم، ومكث يأتي رسول الله ﷺ فيصلي معه على خوف من أبي طالب. وكان هو وزيد بن حارثة يلزمان رسول الله ﷺ، فكان رسول الله ﷺ يخرج إلى الكعبة أول النهار ويصلي صلاة الضحى، وكانت تلك صلاة لا تنكرها قريش، وكان إذا صلى في سائر اليوم، بعد ذلك، قعد علي أو زيد يرصد له، وأنّ أبا طالب فقد عليا، فقالت له فاطمة بنت أسد، أمه: قد رأيته يلزم محمدا، وأنا أخاف أن يأتيك من قبل محمد في أمر ابنك ما لا تطيقه. فقال: ما كان ابني ليفتات علي بأمر.
واتبع أبو طالب أثر النبي ﷺ وأثر علي، فوجدهما ورسول الله ﷺ يصلي العصر في شعب أبي دبّ أو غيره، وعلي ينظر له، فقال لرسول الله ﷺ: ما هذا الدين يا محمد؟ قال: دين الله الذي بعثني به، فدعاه إلى التوحيد وترك عبادة الأوثان، فقال أبو طالب:«أما دين آبائي، فإنّ نفسي غير مشايعة على تركه؛ وما كنت لأترك ما كان عليه عبد المطلب؛ ولكن انظر الذي بعثت به فأتمم عليه، فو الله لا أسلمتك ما كنت حيا حتى يتمّ الذي تريد». وقال لعلي:«أما أنت يا بني، فما بك رغبة عن الدخول فيما دخل فيه ابن عمك». فاشتدّ ظهر رسول الله ﷺ، وسرّ بقول أبي طالب. وأتى أبو طالب منزله، فقالت له امرأته: أين ابنك؟ قال: وما تصنعين به؟ قالت:
أخبرتني مولاتي أنها رأته مع محمد وهما يصليان في شعب بأجياد؛ أفترى ابنك صبأ؟ قال أبو طالب: اسكتي، ودعي عنك هذا، فهو والله أحق من آزر ابن