فأمر به الوليد فأخرج عنه فصار ابن نديرة إلى علي بن عبد الله فأخبره خبره، فقال عليّ: علينا المعوّل وعندنا المحتمل، فاعطاه حمالته، وأجازه وكساه، فقال العذري:
شهدت عليكم انكم خير قومكم … وانكم آل النبي محمّد
فنعم أبو الاضياف والطالبي القرى … عليّ حليف الجود في كل مشهد
فإن الذي يرجو سواكم وأنتم … بنو الوارث الزاكي لغير مسدّد
وإني لأرجو أن تكونوا أئمة … تسوسون من سستم بملك مؤيّد
وإني لمن والاكم لألوفه … وإني لمن عاداكم سمّ أسود
وحدثني محمد بن الأعرابي عن اسحاق بن عيسى بن علي عن أبيه قال: كان علي: بن عبد الله يقول لبنيه: يا بنيّ إن أسعد الرجلين بالمعروف مصطنعه فلا تخدعوا عنه.
وحدثني أحمد بن الحارث عن المدائني عن مسلمة بن محارب قال:
دخل علي بن عبد الله بن عباس على عبد الملك بن مروان في يوم شديد البرد وقد حال بينه وبينه دخان العود فقال: يا أمير المؤمنين احمد الله على ما أنت فيه من الدفء مع ما الناس فيه من البرد، ودعا له، فقال عبد الملك: يا أبا محمد أبعد ابن هند وكان أميرا عشرين سنة وخليفة مثلها أصبحت تهتز على قبره ينبوتة، ما هو إلا ما قال الشاعر:
وما الدهر والايام الا كما أرى … رزّية مال او فراق حبيب
وان امرءا قد جرب الدهر لم يخف … تصرّف عصريه لغير اريب
ثم دعا عبد الملك بغدائه فأكل عليّ معه، ودعا بشربة عسل فأتي بها في عسّ فسقاه ثم شرب بعد علي.