موضعه أبدا. فقال محمد لابن شعبة مولاه: امض فترفق به حتى تدخله إليّ، فأتاه فجالسه أياما ثم لطف به حتى أدخله الدار ثم أمر بابها فأغلق واحتمله وغلمان معه حتى أدخل على محمد بن علي، ومعه قوم من أهل بيته وغيرهم يأكلون، فرحّب به وأدناه وأجلسه بينه وبين عبد الله بن حسن، وجعل يلقمه بيده، ثم خلع عليه وأعطاه ثلاثمائة دينار وثيابا لعياله، فلما مرّ به بعد ذلك في أهل بيته قال: هؤلاء أقمار الدجى، وأهل النبوة والخلافة والهدى، فقال محمد لابن شعبة: قل له عليك بالقصد لا هذا كله، ولا الذي كان قبله.
وحدّثني سليمان، حدثنا الحجاج الرصافي عن أبيه، قال: كان هشام بن عبد الملك بالرصافة (١) قاعدا في منظرة له فرفع له ركب، فقال يا غلام: ائتني بخبر هؤلاء، فمضى بعض من كان بين يديه حتى تلقاهم فقال: من أنتم؟ قالوا: هذا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وأخوته، قال: فما أقدمكم؟ قالوا: قدمنا نشكو إلى أمير المؤمنين حالنا وديننا، فرجع إلى هشام فأخبره، فقال: ارجع فقل لمحمد ارجع من حيث جئت وانتظر أن يقضي دينك ودين أخوتك ابن الحارثية - يعني أبا العباس - فقال محمد بن علي: قل لأمير المؤمنين إن كان الأمر صائرا إلى ابن الحارثية فما عليك أن يكون لكم عنده يد، وإلاّ يكن ذلك فعلام تحرمنا فضلك وصلتك وعائدتك! فقال هشام للرسول: قل له ما قلت لك وازعجهم حتى يرجعوا عودهم على بدئهم، فقال محمد: دعونا لنريح فقد نصبنا وتعبنا، فابلغوا قولهم هشاما فأذن لهم فأراحوا، فلما جن عليهم الليل أتى محمدا بعض