ورجع أبو موسى السراج إلى الكوفة وأبو مسلم معه وهو يومئذ ابن عشرين سنة، وكان أبو مسلم يسمى إبراهيم بن حيّكان، فتسمى عبد الرحمن بن مسلم، ويقال إن الذي سماه عبد الرحمن وكنّاه أبا مسلم إبراهيم بن محمّد الإمام.
حدّثني هشام بن عمار عن أشياخهم أن هشام بن عبد الملك همّ بحبس محمد بن علي وولده وقال: إنهم يزعمون أن الخلافة تصير إليهم فقد استشرف الناس لهم، فقال له الأبرش الكلبي، واسمه سعيد بن الوليد بن عبد عمرو: إن كان في المقدور أن ينالوا الخلافة فلا بد والله أن ينالوها، فلا تقطع أرحامهم وتأثم بربّك فيهم، وصانعهم فإن مصانعتك إياهم لعقبك لهو الرأي والحزم، والاّ يكونوا، من هذا الأمر في شيء فما خوفك لما ليس بمقدور؟ على أن إظهارك التخوف لهم تنبيه للناس عليهم، فأمسك.
وحدّثني سليمان المؤدب الرقي عن الحجاج الرّصافي عن أبيه، قال:
نظر عبد الملك بن مروان إلى محمد بن علي وهو غلام، وكان جميلا، فقال:
هذا والله يفتن المرأة الشريفة، فقال خالد بن يزيد بن معاوية: أما والله إن ولده لأصحاب هذا الأمر، فقال عبد الملك: كلا، فقال خالد: هو والله ذاك، إنّ تبيعا أخبرني عن كعب أن هذا الأمر يصير إلى بني العباس وأنه لا يليه رجل من آل أبي طالب إلا أن يخرج على وال فيقتل، وأنها لولد العباس إلى أن ينزل المسيح، قال: وتبيع ابن امرأة كعب.
وكان محمد بن علي يقدم المدينة في كل سنة فيقيم بها الشهر والشهرين ويؤتى بالمال فيفرقه، وكان يمر بمولى لبني أميّة يبيع الحديد فاذا رآه ومعه أهل بيته قال: هؤلاء الزنادقة الذين يتمنون الباطل، والله لا يخرج هذا الأمر من