ثم خرجوا فأصبح إبراهيم، وعبد الله بن عمر ميّتين؛ فيقال ديست بطونهما، ويقال غمّا، ويقال سمّا، ويقال عصر ما تحت سراويلهما حتى ماتا.
وقال الهيثم بن عدي: غمّ إبراهيم الإمام في جراب نورة، وغمّ الآخر بمرفقة فيها ريش، وكان مهلهل مولاه يقول: كنت أخدمه وهو محبوس بحران، وأشتري حوائجه، وكان شراحيل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك محبوسا في حجرة غير حجرة ابراهيم التي كان محبوسا فيها، وكان صديقا لابراهيم فكانا يتلاطفان ويتهاديان في محبسهما، فأتي ابراهيم بلبن مسموم أو غير لبن وقيل له: بعث إليك به أخوك شراحيل، ولم يكن شراحيل بعث به، فشربه فتوفي، قال: فأنا الذي صليت عليه.
وقال أبو مسعود الكوفي: بلغني أن إبراهيم أخرج فوضع على باب السجن فأخذه رجل من بني سهم فكفنه وصلى عليه ودفنه، قال: وبلغني أن أبا العباس كان أشبه الناس بأخيه إبراهيم الإمام، فلما جاء الرسول لحمل ابراهيم وجد ابراهيم متغيّبا فأخذ أبا العباس، فلما علم ابراهيم بأخذه قال: ما من الموت مفرّ ولا لأمر الله مدفع، فخرج فقال للرسول:
أنا بغيتك فخلّ عن أخي، فحمله، وكان لإبراهيم يوم مات فما يقال تسع وأربعون سنة، وقال بعضهم أربع وثلاثون سنة.
وهرب أبو العباس بعد مقتل إبراهيم إلى الكوفة ومعه أهل بيته، فأخفاهم أبو سلمة الداعية في سرداب في دار بني أود حتى قدم المسوّدة، فكان يقال: ما رأى الناس أبعد همما، ولا أكبر نفسا من قوم خرجوا على تلك الحال يطلبون الخلافة.