للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فما تصنعان ههنا؟ قالا: أبو العباس ابن الحارثية ورجال من أهل بيته بالكوفة مذ كذا وكذا. فأتى أبو حميد أبا الجهم بن عطية بهما، فصارا معهما إلى بني أود في جماعة، ثم دخل دار الوليد (١) فقال: أيّكم أبو العباس عبد الله بن الحارثية؟ فقالوا: هو هذا، فسلم عليه أبو الجهم بالخلافة، ثم بكى فقال له: تركنا أبو سلمة هاهنا وأنتم حضور فلم يعلمكم خبرنا، وبعث أبو الجهم إلى وجوه الناس فأتى عبد الحميد بن ربعي، وإبراهيم بن سلمة، وشبيب بن راح، صاحب مربعة شبيب ببغداد فوق باب الشام، في جماعة فسلموا عليه بالخلافة وبايعوه، وبلغ الخبر أبا سلمة فسقط في يده، ثم أتى أبا العباس وسلم عليه بالخلافة، فقال له أبو حميد: على رغم أنفك يا بن الخلاّلة، فقال أبو العباس: مه، وجعل أبو سلمة يقول: إنما أردت اظهار أمير المؤمنين بعد أن أحكم له الأمور، ومنع أبو الجهم وأصحابه أبا سلمة من الدخول على أبي العباس إلاّ وحده. وأتى أبو الجهم أو غيره أبا العباس ببرذون أبلق، وأتى أهل بيته بدواب، فركب وركبوا وداود بن علي يسايره وهو عن يساره، فجعل الناس يقولون لداود: هذا أمير المؤمنين، وهم لا يعرفونه، فقصّر دون أبي العباس حتى عرف أنه الخليفة، وكان أبو الجهم، وعبد الله بن بسام يمشيان بين يديه، وأبو سلمة يسير خلفه على فرس له والوجوم يتبيّن فيه.

وصار أبو العباس إلى المسجد فصعد المنبر، وصعده داود بن علي فصار دونه بمرقاة، وأمره أبو العباس بالكلام فقال: «شكرا، شكرا،


(١) - الوليد بن سعد مولى بني هاشم، وكانت داره في بني أود. انظر العيون والحدائق لمؤلف مجهول - ط. ليدن ١٨٧١ ج ٣ ص ١٩٦.