وبنا، هدي الناس بعد ضلالهم وبصّروا بعد جهالتهم وأنقذوا بعد هلكتهم! فظهر الحقّ وأدحض الباطل، ورفعت الخسيسة، وتمّمت النقيصة، وجمعت الفرقة وذلك بالنبي ﷺ، فلما قبض الله نبيّه قام بالأمر من بعده أصحابه فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها ووضعوها مواضعها وأعطوها أهلها وخرجوا من الدنيا خماصا، ثم وثب بنو حرب وبنو مروان فابتزّوها أهلها، فجاروا فيها وأساؤوا، وظلموا فأملى الله لهم حتى آسفوه، فانتقم منهم بأيدينا وردّ علينا حقّنا وتدارك أمّتنا وولي نصرتنا والقيام بأمرنا كما قال:
﴿وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ﴾ (١) وإني لأرجو أن يتمّ لنا ما افتتح بنا، وسيأتيكم العدل والخير بعد الجور والشرّ، وما توفيقنا إلا بالله. يا أهل الكوفة انكم محلّ دعاتنا وأوليائنا وأهل محبّتنا، فأنتم أسعد الناس بنا، وأكرمهم علينا، وقد زدتكم في أعطياتكم مائة مائة، فاستعدّوا فإنّي السفّاح المبيح، والثائر المبير». وكان موعوكا فجلس على المنبر، وقام داود دونه فتكلم.
وحدثني عبد الله بن صالح قال: كان المستخفون بالكوفة: أبو العباس، وأبو جعفر، وداود بن علي، وموسى ابنه، وعيسى، وإسماعيل، وعبد الصمد، وعبد الله، وسليمان، وصالح بن علي، والعباس بن محمد، ويحيى بن محمد، وعبد الوهاب بن إبراهيم الإمام، وعيسى بن موسى، ويحيى بن جعفر بن تمام بن العباس، ومحمد بن جعفر بن عبيد الله بن العباس، وبعض ولد معبد بن العباس.