سلمة يسمر عند أبي العباس فقعد له بعض الليالي على طريقه فلما خرج قتله، فقالوا: قتلته الخوارج. وكان أبو جعفر يأتي دهليز أبي مسلم فيجلس فيه ويستأذن له الحاجب، ثم أمره بعد ذلك أن يرفع له الستور إذا جاء ويفتح له الأبواب.
وحدثنا ابن القتّات عن إسحاق بن عيسى قال: أراد أبو العباس قتل أبي سلمة فقال له عمه داود بن علي: لا تتولّ قتله فتخبث نفس أبي مسلم ويحتج بذلك عليك، ولكن اكتب إليه فليوجّه من يقتله، ففعل.
وقال أبو اللفائف الأسدي:
ويح من كان مذ ثلاثون حولا … يبتغي حتف نفسه غير آل
لم يزل ذاك داب كفيّه حتى … عضّه حدّ صارم في القذال
كاده الهاشمي منه بكيد … حيلة غير حيلة الخلال
وحدثني أبو مسعود عن المفضل الضبيّ قال: كتب أبو العباس بخطه أو بإملائه إلى أبي مسلم كتابا مع أبي جعفر حين وجّهه إلى خراسان: «إنه لم يزل من رأي أمير المؤمنين وأهل بيته الإحسان إلى المحسن، والتجاوز عن المسيء ما لم يكد دينا، وإن أمير المؤمنين قد وهب جرم حفص بن سليمان لك وترك إساءته لإحسانك إن أحببت ذلك». فلما قرأ أبو مسلم الكتاب وجّه مرار بن أنس إلى الكوفة لقتل حفص حيث ثقفه، وكتب:«إنه لا يتم إحسان أحد حتى لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد قلبت منّة أمير المؤمنين وآثرت الانتقام له»، فقتل مرار أبا سلمة غيلة، فقيل قتلته الخوارج، وأمر أبو العباس أخاه يحيى بن محمد بالصّلاة عليه.