للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني ابن الأعرابي قال: قال المنصور: معاوية للحلم والأناة، وعبد الملك للإقدام والإحجام، وهشام لتقسيط الأمور ووضعها مواضعها، قال: وشاركت عبد الملك في قول كثّير:

يصدّ ويرضى وهو ليث عرينه … وإن أمكنته فرصة لا يقيلها (١)

حدثني المدائني قال: بلغني أن المنصور قال ذات يوم في كلامه: إن الحلم يزيد العزيز عزا، والذليل ذلا.

المدائني، قال: قال أبو جعفر لسفيان بن معاوية: ما أسرع الناس إلى قومك، فقال:

إنّ العرانين تلقاها محّسدة … ولن ترى للئام الناس حسّادا

قال: صدقت. قال: وبينا المنصور يخطب اذ قام رجل فقال:

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ (٢)، فأخذ، لما قضى المنصور صلاته ودخل القصر ودعا به فقال: طالت صلاتك وكثر صومك، فضجرت من الحياة وقلت: أعترض هذا الرجل فأعظه فإن قتلني دخلت الجنة، وهيهات أن تدخلها بي، خلّوا سبيله.

وحدثني أبو فراس الشامي عن أبيه، قال: خطب المنصور في بعض الجمع، فقام رجل من الصّوفيين فقال: ﴿أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ (٣)؟ فأخذ، فلما فرغ المنصور من خطبته وقضى كلامه أمر أن


(١) - ديوان كثير عزة - ط. الجزائر ١٩٣٠ ج ٢ ص ٢٦ مع فوارق واضحة.
(٢) - سورة الصف - الآية:٢.
(٣) - سورة البقرة - الآية:٤٤.