للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك. قال: تسخر لنا الريح تحملنا إلى الشأم في يوم وتردّنا في يوم، فإن طول السفر يجهدنا، فلست بأهون على الله من سليمان، فقد كان يأمر الريح فتغدو به مسيرة شهر وتروح به مسيرة شهر (١). فقال: لا أستطيع ذلك.

فقال أبو جهل: فإن كنت غير فاعل شيئا مما سألتك، فلا تذكر آلهتنا بسوء. فقال عبد الله بن أمية: فأرنا كرامتك على ربك فليكن لك بيت من زخرف وجنة من نخيل وعنب تجري فيها الأنهار، وفجر لنا ينبوعا مكان زمزم، فقد شقّ علينا المتح (٢) عليها، وإلاّ فأسقط علينا كسفا. فقال:

ليس هذا بيدي؛ هو بيد الذي خلقني. قال: فارق إلى السماء فأت بكتاب نقرأه، ونحن ننظر إليك. فأنزلت فيه الآيات (٣).

- وحدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن عمر بن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس؛ وحدثني بكر بن الهيثم، عن عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال:

لما نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ﴾ (٤)، يعني درديّ الزيت، قال أبو جهل: أنا أدعو لكم، يا معشر قريش، بالزقوم، فدعا بزبد وتمر، وقال: «تزقموا من هذا، فإنا لا نعلم زقوما غيره». فبين الله ﷿ أمرها، فقال: ﴿إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ﴾ (٥). فقالت قريش: شجرة تنبت في النار؟ فكانت فتنة لهم، وجعل المستهزئون يضحكون. قال:


(١) - انظر سورة سبأ - الآية:١٢.
(٢) - المتح: الاستقاء.
(٣) - انظر سورة الاسراء - الآيات:٩٠ - ٩٣.
(٤) - سورة الدخان - الآيات:٤٣ - ٤٥.
(٥) - سورة الصافات - الآيتان:٦٤ - ٦٥.