للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذهبت ضياعا، وخرجت يوم الراوندية ولو أصابني سهم غرب لذهبت ضياعا، وخرجت إلى الشام ولو اختلف بالعراق سيفان لذهبت الخلافة ضياعا.

قالوا: وأمر المنصور حين قتل أبا مسلم بوضع الاعطاء في الناس، فجعلوا يأخذون ويبايعون ويلعنون أبا مسلم. وقال أبو دلامة أيضا:

أبو مسلم عبد لعيسى بن معقل … أخي دلف لا قول من يتكذب

حمدت إلهي حين قيل عدوكم … أبو مجرم أمسى على الوجه يسحب

فإن يك عبدا ذاق حتفا بجرمه … فقد صادف المقدار والحين يجلب

بكت عين من تبكيه ميتا ولا أرى … من الله روحا من له يتغضّب

وقال أبو عطاء السّندي:

زعمت أنّ الدّين لا يقتضى … كذبت والله أبا مجرم

سقيت كأسا كنت تسقي بها … أمرّ في الحلق من العلقم

المدائني قال: كان أفلح بن مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري بخراسان وكان صديقا لأبي مسلم يلاعبه بالشطرنج ويؤانسه، وكان ذا قدر بخراسان، فلما ظهرت الدعوة قدم على أبي مسلم وقال:

قل للأمير أمين الامام … وصيّ وصيّ وصيّ الوصيّ

أتيتك لا طالبا حاجة … ومالي في أرضكم من كفيّ

وكان أبو مسلم يبره ويكرمه، ثم أمر بقتله، فقيل له: صديقك وأنيسك، فقال: رأيته ذا همّة وأبهة فقتلته مخافة أن يحدث حدثا، وكان لا يقعد على الأرض إذا قعدت على السرير، ولقد كان عليّ كريما وكنت له محبا. قال: فعيّر المنصور أبا مسلم بقتله فيما عيّره به.