حدّثني الأثرم عن أبي عمرو الشيباني الراوية قال: لما قتل المنصور أبا مسلم دعا بجعفر بن حنظلة البهراني فأراه إياه مقتولا، فقال: وفّقك الله يا أمير المؤمنين وسدّدك عدّ خلافتك مذ اليوم.
وحدثني الأثرم عن الأصمعي قال: قال رؤبة بن العجاج: كان أبو مسلم فصيحا على غلظ وفصح كان في لسانه، دخلت عليه فأنشدته:
لبيك اذ دعوتني لبيكا … أحمد ربّا ساقني إليكا
أصبح سيف الله في يديكا (١) …
فأمر لي بكسوة ومال وقال لي: يا رؤبة، إن لك إلينا عودة وعلينا معوّلا، والدهر اطرق مستتبّ، فاذا أتيت خراسان فصر إليّ أغنك، فقلت له: إني أريد أن اسألك وأنا أفرق منك، فقال: سل آمنا، قلت: أرى لسانا عضبا وكلاما فصيحا، فأين نشأت أيها الأمير؟ قال: بالكوفة والشام، قلت: بلغني أنك لا ترحم، قال: كذبوا إني لأرحم؛ قلت: فما هذا القتل؟ قال: إنما أقتل من يريد قتلي.
قالوا: ولمّا قتل أبو مسلم كتب المنصور إلى أبي نصر مالك بن الهيثم، وكان أبو مسلم خلّفه في ثقله بحلوان، وهو يرى أنه يرجع إلى خراسان، كتابا عن لسان أبي مسلم في القدوم بثقله وما خلّف معه، وختم الكتاب بالخاتم الذي أخذه من إصبع أبي مسلم، وكانت بينهما علامة فلم يعرفها فيكتب بها، فامتنع أبو نصر من القدوم، فكتب المنصور إلى عامله بهمذان يأمره بمنعه من النفوذ، فأخذه وحبسه في القصر وقال لمن معه: والله