جهل، وكان خفيفا حديد الوجه والنظر، به حول، فقال له: انظر ما دعاك إليه هذا الرجل؛ فإياك أن تركن إلى قوله فيه أو تسمع منه شيئا، فإنه قد سفه أحلامنا، وزعم أن من مات منا كافرا، يدخل النار بعد الموت؛ وما أعجب ما يأتي به. فقال الهذلي: أما تخرجونه من أرضكم؟ قال أبو جهل: لئن خرج من بين أظهرنا فسمع كلامه وحلاوة لسانه قوم أحداث ليتبعنه؛ ثم لا نأمن أن يكرّ علينا بهم. قال الهذلي: فأين أسرته عنه؟ قال أبو جهل: إنما امتنع بأسرته. ثم إن الهذلي أسلم يوم الفتح.
- وقالوا: قدم رجل من أراش، بإبل له، مكة. فباعها من أبي جهل. فمطله بأثمانها. فوقف الرجل على نادي قريش، فقال: إني رجل غريب، ابن سبيل، وإنّ أبا الحكم ابتاع مني ظهرا فمطلني بثمنه وحبسني حتى شق عليّ، فمن رجل يقوم معي فيأخذ لي بحقي منه؟ وكان رسول الله ﷺ جالسا في عرض المسجد، فقالوا، وهم يستهزئون: أترى الرجل الجالس، انطلق إليه، يأخذ لك بحقك. فأتى رسول الله ﷺ، فقال:
يا محمد، إني رجل غريب، واقتصّ عليه قصته. فقام رسول الله ﷺ، حتى ضرب باب أبي جهل. فقال أبو جهل: من هذا؟ قال رسول الله ﷺ: محمد بن عبد الله، فاخرج إليّ، ففتح الباب وخرج. فقال له:
أخرج إلى الرجل من حقه، قال: نعم، فقال رسول الله ﷺ: لن أبرح أو تعطيه حقه. فدخل البيت، فخرج إليه بحقه وأعطاه إياه. فانطلق نبي الله ﷺ، وانصرف الرجل إلى مجلس قريش فقال: جزى الله محمدا خيرا، فقد أخذ لي بحقي بأيسر الأمر. ثم انصرف. وجاء أبو جهل، فقالوا له:
ماذا صنعت؟ فو الله ما بعثنا الرجل إلى محمد إلا هازئين. فقال: دعوني، فو الله ما هو إلا أن ضرب بأبي حتى ذهب فؤادي؛ فخرجت إليه وإنّ على