قال: ونظر معن الى الخطاب بن يزيد يخطر في دار المنصور، وكان قد وجّه إلى بعض الشّراة فهرب منهزما، فقال:
هلاّ مشيت كذا غداة لقيتهم … وصبرت عند الموت يا خطاب
نجّاك خوّار العنان كأنه … فوت الرماح إذا استحث عقاب
وحدثني الحرمازي عن أبي اليقظان، قال: ولد لمعن: زرارة - وكان خليفته على اليمن - والوليد وشراحيل وجسّاس ويزيد - ويكنى أبا داود - ومزيد، وغيرهم فقال معن:
لا تسألنّ أبا داود شبعته … عوّل على مزيد في الخبز واللبن
وفي النبيذ اذا ما جزرة نحرت … فإنه بقرى الأضياف مرتهن
وحدثني محمد بن حفص الكاتب عن خالد بن يزيد، أن معن بن زائدة قال: يحتاج الخطيب إلى تخليص المعاني وتلخيصها مع قلة حصر وجرأة على البشر، وقال: الصمت عن الكلام في موضعه عيّ يضع الشريف ويهجنّه.
قال: وكان معن في دار المنصور فسقط حائط أو حدث أمر تقوّض الناس له، وكان يحدّث ورجل يستمع حديثه لم يقم عنه مع من قام، فلما انصرف إلى منزله وكّل بالرجل من أتاه به فأمر له بكسوة وألف دينار، وقال له: هذا لحسن استماعك حديثي وإيناسك إياي.
حدثني العمري عن الهيثم بن عدي، قال: بعث معن إلى ابن عباس: بعني دينك بألف دينار، فبعث إليه: قد بعتك إياه إلا شهادة أن لا إله إلا الله، ولو كانت من شأنك لسامحتك فيها. وولي معن سجستان للمنصور، فاندسّ له قوم من الخوارج مع قوم من الصنّاع كانوا يعملون في