منّي، فهذه قصّتي، ما صرت إليه قط فظننت أني أرجع إلى مجلسي، ومن كان من رجال السلطان ولم يكن هكذا فهو جاهل مغتر.
وكان ابن المقفع كتب إلى أبي أيوب رسالة منه وعظه فيها، فقال في فصل منها: أذمّ إليك السلطان فإن إقباله تعب، واعراضه مذلّة، فكان يقول حين حبس: لله درّك يا بن المقفع.
وحدثني الحرمازي، عن أبي عمرو الجاباني، قال: ولّى المنصور عقبة بن سلم الأزدي البحرين وعمان، فقتل سليمان بن حكيم العبدي وكان مخالفا، وأسر من أهل البحرين بشرا كثيرا، وحملهم إلى المنصور، فقطع عدة منهم ووهب باقيهم للمهدي فمنّ عليهم وكسى كل انسان منهم ثوبين هرويّين، وأعطاه دينارين. وكان أسد بن المرزبان صاحب المربّعة بقرب الجسر مع عقبة فكان كثير الخلاف عليه، وبلغه عنه أنه على الخلع، فكتب عقبة إلى المنصور بخبره فأمر بقتله، فولي ذلك منه أبو سويد صاحب المقبرة ببغداد عند باب الشام، ولما صار عقبة إلى مدينة السّلام قدم جماعة من الخوارج تريد الفتك به لقتله من قتل منهم، فكمن له بعضهم في الجسر، فلما مرّ به خرج عليه فوجأ بخنجر له رأسان فقتله وقتل، ويقال بل ألقى نفسه في الماء فغرق، فقال الناس: هو أجرأ من قاتل عقبة بن سلم. وكان عقبة يكنى أبا الملد، وهو الذي مدحه بشار بأرجوزته الدالية (١).