للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجل أراد أن ينال شيئا من الدنيا فقد ناله وأكثر منه، وهو رجل شريف وللشريف شكر فلا يسوءنكم مكانه.

حدثني الحرمازي قال: قال الربيع الحاجب: دخلت على المنصور يوما وعليّ خفّ أبيض محكوك مكعب، فقال: لولا أني لم أتقدم إليك لأدّبتك، مالك ولحفاف الزفّانين (١)؟

حدّثني هدبة بن خالد، قال: دخل المبارك بن فضالة على أبي جعفر وهو بالجسر الأكبر فقال له: يا أمير المؤمنين حدثني الحسن قال: بلغنا عن النبي أنه قال: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: من كان له على الله حق فليقم، فما يقوم إلا العافون عن الناس» (٢)، فقال المنصور: قد عفوت، ولم يدخل البصرة.

وحدّثني بعض أصحابنا قال: كان المنصور وهو بالبصرة قبل أمر المسوّدة يجلس في حلقة فيها أزهر السمّان، فلما أفضت إليه الخلافة وفد إليه أزهر فقال له: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: يا أمير المؤمنين داري مستهدمة، وعليّ دين مبلغه أربعة آلاف درهم وأريد أن أزوّج ابني محمدا، فقال: قد أمرنا لك باثني عشر ألف درهم فخذها ولاتأتنا طالبا، فأخذها وانصرف، فلما كان العام المقبل أتاه، فلما رآه قال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: أتيتك يا أمير المؤمنين مسلمّا، فقال: إنه ليقع في خلد أمير المؤمنين أنك أتيت طالبا، قال: ما أتيت إلا مسلّما، فقال: قد أمرنا لك باثني عشر ألفا فخذها ولاتأتنا طالبا ولا مسلّما، فلما كانت السنة الثالثة عاد إليه، فقال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: أتيتك


(١) - زفن: رقص. القاموس.
(٢) - انظر كنز العمال - الحديث ٧٠١٣.