ثم قال: يا ربيع تفقّد هؤلاء وانظر من كان منهم في غير عمل فاخرجه.
وحدثني العقوي الدلال البصري قال: بلغ المنصور أن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بالبصرة، فخرج إلى البصرة وأظهر أنه يريد ان يقطع صالحا المسكين بابقليا، ويقطع سليمان الهنيئة؛ وكان عيسى مستخفيا عند رجل يقال له يزيد، فبينا المنصور يخطب في يوم جمعة إذ وقعت عينه على عيسى، وعرف عيسى أنه قد عاينه، فلما دخل المنصور في الصّلاة انسلّ عيسى ويزيد صاحبه فاستعرض الناس بعد الفراغ من الصّلاة فلم يوجدا. ثم إن عيسى مات عند يزيد فأتى يزيد الربيع فقال له: اطلب لي الأمان من أمير المؤمنين وأدخلني إليه حتى أخبره من أمر عيسى بما يسر به، فطلب له الربيع الأمان فأمنه المنصور، فلما دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين قد مات عيسى بن زيد وأراحك الله منه، فخر المنصور ساجدا، ووجّه من نظر إليه ميتا، فوفى ليزيد بأمانه.
وحدثني محمد بن موسى الخوارزمي أن المنصور حج فكان يأتي الطواف ليلا فيطوف مستخفيا متنكرا لا يعلم أحد من هو، فإذا طلع الفجر عاد إلى دار الندوة، فإذا حضرت الصلاة خرج فصلى بالناس، فسمع رجلا يقول في بعض الليالي: اللهم إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض، وما يحول بين الحق وأهله من الطمع، فوقف على الرجل ثم خلا به ثم سأله عمّا قال فقال له: أتؤمنّي؟ قال: نعم لك الأمان، قال: ما عنيت سواك؛ فقال: كيف تنسبني إلى الطمع والصفراء والبيضاء في قبضتي والحلو والحامض