بيدي؟ قال: وهل دخل أحدا من الطمع ما دخلك؟ احتجبت عن الضعفاء فلم يصلوا إليك، ثم أوعبت الأموال وجمعتها فلم تقسمها في أهلها، ورآك القوم الذين استعنت بهم خائنا فخانوك وأنت متغافل عن الأمور، كأنك لا تعلم وعلمك حجة عليك، ثم أنت تطمع في السلامة في دينك ودنياك، ووعظه فاحتمل له ذلك وقال: جزيت عن النصيحة خيرا، وأقيمت الصلاة فصلى المنصور بالناس، وطلب الرجل فلم يوجد.
حدثنا الذيّال مولى بني هاشم، قال: سمع المنصور جلبة في داره فقال: ما هذا؟ فإذا خادم له قد جلس وغلمة حوله وهو يضرب لهم بطنبور وهم يضحكون منه، فأخبر بذلك فقال: وما الطنبور؟ فوصفه له حمّاد التركي، فقال له: وأنت فما يدريك ما الطنبور؟ قال: رأيته بخراسان، فقال:
نعم، فدعا بنعله وقام يمشي رويدا حتى أشرف على الغلمان فرآهم فلما أبصروه تفرقوا، فقال: خذوا الخادم فاكسروا ما معه على رأسه، ثم قال: يا ربيع أخرجه من قصري وابعث به إلى حمران النخّاس حتى يبيعه، فوجه به الربيع من ساعته فبيع بالكرخ.
وحدّثني رجل من ولد حمّاد التركي عن حمّاد قال: ولاني المنصور المدائن ثم عزلني، فقال لي ذات يوم: يا بن الخبيثة كم عندك من المال؟ فقلت أصدقه فإنه لا ينفعني عنده الا الصّدق، فأخبرته بمبلغ المال، فقال:
ادفعه إلى الربيع، ففعلت، ثم رحت بالعشي فإني لبين يدي المنصور واقف لا أشك في ذهاب المال إذ دخل الربيع فقال له: يا ربيع أحمل حماد إليك ذلك المال؟ قال: نعم، قال: أفعرفت وزنه؟ قال: نعم، قال: احتفظ به فإذا تزوج حماد فادفعه إليه.