للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني بعض الهاشميين عن رجل من حشم المنصور، قال: كان المنصور يقسم علينا الأرزاق وما في الخزائن حتى الفانيد (١) والترياق، وكان مشايخ أهله يدخلون عليه بالعشيات في النعال والأردية.

وحدثني محمد بن موسى الخوارزمي قال: بلغني أن المنصور خرج يوما نحو باب قطربّل حتى دخل من ناحية باب حرب فأساء بعض أحداث مواليه الأدب، وسار في ناحية أمر أن لا يسير فيها أحد كراهة للغبار، فالتفت إلى عيسى بن علي وهو يسايره فقال: والله ما ندري يا أبا العباس ما نصنع بهؤلاء الأحداث لئن حملناهم على الأدب وأخذناهم بما يجب ليقولن جاهل إنّا لم نحفظ آباءهم فيهم، ولئن تركناهم وركوب أهوائهم ليفسدن علينا غيرهم.

حدّثني المدائني قال: لما خرج ابنا عبد الله بن حسن على المنصور، وجاءه فتق من ناحية غير ناحيتيهما جعل ينكث بقضيب معه ويقول:

ونصبت نفسي للرماح دريّة … إن الرئيس لمثل ذاك فعول

قال: وقال المنصور في آل أبي طالب:

فلولا دفاعي عنكم إذ عجزتم … وبالله أحمي عنكم وأدافع

وما زال منا قد علمتم عليكم … على الدهر أفضال يرى ومنافع

ومازال منكم أهل غدر وجفوة … وبالله مغترّ وللرحم قاطع

قالوا: وركب المنصور وأهل بيته حوله، وقد بلغه خبر محمد بن عبد الله، فقال عثمان بن عمارة المريّ: إن حشو اثواب هذا الرجل لمكر ودهاء ونكر وما هو إلا كما قال جذل الطعان:

فكم من غارة ورعيل خيل … تداركها وقد حمي اللقاء


(١) - الفانيد: السكر المكرر.