للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني عبد الله بن مالك، أخبرني اسحاق بن عيسى بن علي، قال: بعث المنصور في سنة خمس وأربعين ومائة رجالا يطلبون له موضعا يبنى له فيه مدينة، فكانوا يأخذون تربة كل أرض فإذا عفنت خرجت منها العقارب والخنافس، فلما عفنت تربة بغداد خرجت منها بنات وردان فقال:

هذه، هذه، فنزل الدير الذي على الصراة وقال: بغداد بلد يأتيه الميرة من الفرات ودجلة. فاختطّ المدينة وفرغ من أساسها، فإنه لنائم في يوم صائف إذ أقبل سليمان بن مجالد، وسليم المكي، فاستأذنا على المنصور، فدخل الربيع فاحتال له حتى استيقظ ودخلا عليه ومعهما كتاب صغير من محمد بن خالد بن عبد الله القسري يخبر فيه بخروج محمد بن عبد الله، فقال المنصور: نكتب إلى مصر الساعة أن تقطع الميرة عن أهل الحرمين وإنهم في مثل الحرجة إذا لم تأتهم الميرة من مصر، وأمر أن يكتب إلى العباس بن محمّد أخيه وهو على الجزيرة أن يمدّه بمن قدر عليه ولو أن يبعث إليه في كل يوم رجلا واحدا لينكسر بهم أهل خراسان، فإنه لا يؤمن فسادهم مع دالتّهم، ونادى بالرحيل من ساعته فخرج في حرّ شديد حتى عسكر بنهر صرصر، وصلى العصر هناك، وأتى الكوفة وعسكر وخندق عليه، ودعا بعيسى بن موسى فقال له: إمّا أن تخرج وأقيم فأمّدك وإمّا أن أخرج وتقيم فتمدنّي، فقال: بل أقيك بنفسي وأكفيك هذا الوجه إن شاء الله، فشخص، ثم خرج ابراهيم في عقب خروج أخيه محمد، فجمع المنصور ولد أبيه فقال:

ما تقولون وما ترون؟ فقالوا: توجه إليه موسى بن عيسى، فقال: والله يا ولد عليّ ما أنصفتم، وجهت أباه وأوجّهه فأكون قد وجهت من ولد محمد بن علي رجلين، فقالوا: توجه عبد الله بن علي وتصطنعه، فقال: