للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك، قال: أتى رسول الله على حمزة يوم أحد فوقف عليه فرآه قد مثّل به فقال: لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته تأكله الطير العافية حتى يحشر من بطونها، ثم دعا بنمرة فكفنه فيها فكانت إذا مدت على رأسه بدت رجلاه وإذا مدت على رجليه بدا رأسه.

قال: وكثرت القتلى وقلت الثياب، فكفّن الرجلان والثلاثة في ثوب واحد، ودفنوا في قبر واحد جميعا، وجعل رسول الله يسأل عنهم أيّهم أكثر قرآنا فيقدمه إلى اللحد، ودفنهم رسول الله ولم يصلّ عليهم.

وحدثنا اسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا أبو الوليد سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عروة، قال:

أخبرني الزبير أنه لما كان يوم أحد اقبلت امرأة تسعى حتى كادت تشرف على القتلى، قال: فكره النبي أن تراهم فقال: المرأة المرأة! قال الزبير:

فتوسمت فإذا هي أمي صفية بنت عبد المطلب، فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى قال: فلدمت (١) في صدري، وكانت امرأة جلدة وقالت: إليك لا أرض لك، قال فقلت: إن رسول الله عزم عليك، قال: فوقفت وأخرجت ثوبين معها فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله فكفنوه فيهما، قال: فجئت بالثوبين ليكفن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قد فعل به كما فعل بحمزة فوجدنا غضاضة وحياء أن يكفن حمزة في ثوبين والأنصاري بلا كفن فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب، فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر فاقترعنا بينهما فكفنّا كل واحد في الثوب الذي طار له.


(١) - لدم: لطم، وضرب بشيء ثقيل يسمع وقعه.