قالوا: ودفن حمزة وعبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي، وأمه أميمة بنت عبد المطلب، وهو أخو زينب بنت جحش في قبر واحد. وكان حمزة أول من صلى عليه النبي ﷺ من الشهداء يومئذ، ثم جعل يؤتى بشهيد بعد شهيد فيوضع إلى جنب حمزة فيصلّي عليه النبي ﷺ، وعلى الشهيد حتى صلى على حمزة سبعين مرة، ونزل في قبره: أبو بكر، وعمر، وعلي، والزبير، وكان رسول الله ﷺ على شفير القبر وقال: لقد رأيت الملائكة غسلت حمزة.
قالوا: وانصرف رسول الله ﷺ من أحد فسمع بكاء النساء على قتلاهن فقال: «لكن حمزة لا بواكي له»، فجمع سعد بن معاذ نساء بني عبد الأشهل بن الأوس إلى باب رسول الله ﷺ فبكين على حمزة، حتى سمع رسول الله ﷺ بكاءهن فقال:«قد آسيتن وأحسنتنّ»، ودعا لهن وردهن، فليس تبكي امرأة من الأنصار مذ ذاك ميتها حتى تبدأ بالبكاء على حمزة، ثم تتبع ذلك بالبكاء على ميتها.
حدثني عبد الله بن صالح قال: حدّثت عن عبد الجبار بن الورد عن أبي الزبير عن جابر أنه قال: لما أراد معاوية أن يجري عينه التي بأحد كتبوا إليه: إنا لا نستطيع أن نجريها إلاّ على قبور الشهداء، فكتب: انبشوهم، قال: فرأيتهم يحملون على أعناق الرجال كأنهم قوم نيام، وأصابت المسحاة طرف رجل حمزة فانبعثت دما.
وحدثني عبد الواحد بن غياث، حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن معاوية بن أبي سفيان أمر بكظامة (١) تصنع له، فمرت
(١) - الكظامة: فم الوادي، وبئر بجنب بئر بينهما مجرى في بطن الأرض. القاموس.