للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نسير إذ طلع رجل باذّ الهيئة فلم أره أكبر معاوية ولا اكترث له، وأعظمه معاوية إعظاما شديدا ثم قال: أجئت زائرا أم طالب حاجة؟ فقال: لم آت لشيء من ذلك ولكنّي جئت مجاهدا وأرجع زاهدا، فمضى معاوية عنه، فقلت: من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: عقبة بن عامر الجهني، قلت:

ما أدري ما أراد بقوله أخيرا أم شرّا، قال: دعه فلعمري لئن كان أراد الشر إنّ الشرّ عائد بالسوء على أهله، قلت: سبحان الله ما ولدت قرشيّة قرشيّا أذلّ منك، فقال: يا حبيب أحلم عنهم ويجتمعون خير أم أجهل ويتفرّقون؟ قال: قلت: بل تحلم ويجتمعون، قال: امض فما ولدت قرشيّة قرشيّا له مثل قلبي، قال: قلت: إنّي لأخاف أن يكون ما تصنع ذلاّ، قال: وكيف وقد قاتلت عليّا فصبرت على مناوأته؛ وبعضهم يروي هذا عن الضحّاك بن قيس.

حدثني عمر بن بكير عن هشام بن الكلبي عن عوانة قال: قال معاوية: يا معشر بني أميّة إنّ محمدا لم يدع من المجد شيئا إلاّ حازه لأهله، وقد أعنتم عليهم بخلّتين: في ألسنتهم ذرب وفي العرب أنف، وهم محدودون، فأوسعوا الناس حلما فو الله إنّي لألقى الرجل أعلم أنّ في نفسه عليّ شيئا فأستثيره فيثور عليّ بما يجد في قلبه، فيوسعني شتما وأوسعه حلما، ثمّ ألقاه بعد ذلك أخا أستنجده فينجدني.

حدثنا حفص بن عمر عن الهيثم بن عديّ عن اسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه قال: بينا رجل يخاطب معاوية إذ قال:

والله يا معاوية لتستقيمنّ أو لنقوّمنّ صعرك (١)، قال: ومن أنت رحمك الله؟


(١) - صعر خده تصعيرا: أماله عن النظر إلى الناس تهاونا من كبر. القاموس.