للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدائني عن أبي اليقظان وغيره قالوا: وفد إلى معاوية الأحنف وجارية بن قدامة والحتات بن يزيد المجاشعي فقال معاوية لجارية: أأنت الساعي مع عليّ والموقد النار في نصرته؟ فقال جارية: يا معاوية دع عنك عليا وذكره، فو الله ما أبغضناه مذ أحببناه، ولا غششناه مذ نصحناه، قال: ويحك يا جارية ما كان أهونك على أهلك إذ سمّوك جارية، فقال:

أنت كنت أهون على أهلك إذ سمّوك معاوية، فقال معاوية: اسكت لا أمّ لك، قال: أمّ لم تلدني، إن قوائم السيوف التي لقيناك بها بصفّين لفي أيدينا، قال: إنّك لتوعدني، قال: إنّك لم تملكنا قسرا ولم تفتحنا عنوة ولكنّا أعطينا عهودا ومواثيق، فإن وفيت لنا وفينا، وإن نزعت إلى غير ذلك فقد تركنا وراءنا رجالا أنجادا وأذرعا شدادا وأسنّة حدادا، فإن بسطت لنا فترا من غدر دلفنا إليك بباع من ختر، فقال له معاوية: اسكت فلا أكثر الله في الناس أمثالك، فقال: قل معروفا يا أمير المؤمنين فقد بلونا قريشا فوجدناك اليوم أوراها زنّدا وأكثرها زبدا وأحسنها رفدا، فارعنا رويدا، فإنّ شرّ الرّعاء الحطمة (١).

المدائني عن عامر بن عبد الله عن أبي الزناد قال: قال معاوية لرجل من سبأ: ما كان أجهل قومك حين ملّكوا عليهم امرأة ثم قالوا ﴿رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا﴾ (٢) فقال: قومك أجهل من قومي حين قالوا ورسول الله يدعوهم:


(١) - الحطمة: ما تكسر من اليبس. القاموس، وانظر المثل في أمثال أبي عبيد ص ٣٠٢.
(٢) - سورة سبأ - الآية:١٩.