للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توفيقي لأرشد أموري؛ وأمّا كيدك إيّاي فليس يكون على أحد أضر منه عليك، كفعلك بهؤلاء النفر الذين قتلتهم ومثّلت بهم بعد الصلح من غير أن يكونوا قاتلوك ولا نقضوا عهدك، إلاّ مخافة أمر لو لم تقتلهم متّ قبل أن يفعلوه، أو ماتوا قبل أن يدركوه، فأبشر يا معاوية بالقصاص، وأيقن بالحساب، واعلم أنّ لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها، وليس الله بناس لك أخذك بالظنّة، وقتلك أولياءه على الشبهة والتهمة، وأخذك الناس بالبيعة لابنك، غلام سفيه يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ولا أعلمك إلاّ خسرت نفسك، وأوبقت دينك، وأكلت أمانتك، وغششت رعيّتك، وتبوّأت مقعدك من النار ف ﴿بُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ (١).

المدائني قال، قال معاوية لصحار بن عيّاش العبدي: يا أزرق، قال: البازي أزرق، قال: يا أحمر، قال: الذهب أحمر، قال: يا صحار ما هذه البلاغة في عبد القيس؟ قال: شيء يعتلج في صدورنا فنلفظه كما يلفظ البحر الزبد، قال: فما رأس البلاغة؟ قال: أن تقول فلا تخطئ وتعجل فلا تبطئ؛ ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، ومنّا أعقل (٢) أهل زمانه، اشترط على رسول الله حين أسلم الجنّة؛ ومنّا الذي قال له رسول الله : «فيك خصلتان يحبّهما الله ورسوله الأناة والحلم» (٣)؛ ومنّا أزهد أهل زمانه هرم بن حيّان؛ ومنّا أشجع أهل زمانه حكيم بن جبلة العبدي الذي


(١) - سورة هود - الآية:٤٤.
(٢) - بهامش الأصل: هو الجارود [بن بشر بن المعلى]. انظره في الإصابة لابن حجر.
(٣) - بهامش الأصل هو الأشج [عبد الله بن عوف بن عبد القيس]، وقيل اسمه المنذر بن عائذ، وقيل عائذ بن الحارث. طبقات ابن سعد ج ١ ص ٣٤١. طبقات خليفة ط. بيروت ١٩٩٣ ص ١١٧.