للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الخوارج، وشهد مع عليّ صفّين فأنكر التحكيم، وشهد مع الخوارج النّهروان، وكانت الخوارج كلّها تتولاّه، وسمع زيادا يقول: لآخذنّ البريء بالسقيم والجار بالجار، فقال: يا زياد إنّ الله يقول: ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ (١) فحكم الله خير من حكمك، فقال زياد: إنّا لا نصل إلى ما نريد إلاّ ببعض الإغماض.

وكان غيلان بن خرشة ذكر الخوارج فعابهم، فقال له مرداس:

ما يؤمنك يا غيلان أن يلقاك بعض من عبت وتنقّصت فيندر أكثرك شعرا، فقال له: أذكرك الله يا أبا بلال والله لا أذكرهم بسوء أبدا.

ورأى مرّة ابن عامر وعليه قباء أنكره فقال: هذا لباس الفسّاق، فقال أبو بكرة: لا تقل هذا للسلطان فإن من أبغض السلطان أبغضه الله.

وكان أبو بلال لا يدين بالاستعراض، ويحرّم خروج النساء ويقول:

لا نقاتل إلاّ من يقاتلنا ولا نجبي إلاّ ما حمينا، وردّ امرأة خرجت معه، وكانت الثبجاء إحدى بنات حرام بن يربوع من تميم تحرّض على عبيد الله بن زياد وتذكر تجبّره وسوء سيرته وفعله، وكانت من مخابيت (٢) الخوارج، فذكر ابن زياد الثبجاء، فأعلم غيلان بن خرشة أبا بلال بذلك، فقال لها أبو بلال:

إنّ الله قد جعل لأهل الإسلام سعة في التقيّة، فإن شئت فتغّيبي فإن هذا الجبّار المسرف على نفسه قد ذكرك، فقالت: أكره أن يلقى أحد مكروها بسببي إن طلبني، فأخذها ابن زياد فقطع يديها ورجليها، ومرّ أبو بلال


(١) - سورة الأنعام - الآية:٦.
(٢) - بالأصل: «مخانيث» وهو تصحيف واضح.