رائد، قال: إليك ينتهي الخبر يا أبا المغيرة، انّ الوجل منك قد استخفّ معاوية حتّى بعثني إليك، وقد بايعه الحسن واجتمع عليه الناس، قال:
فأشر عليّ فإنّ المستشار مؤتمن، وارم الغرض الأقصى، قال المغيرة: إنّ في محض الرأي بشاعة ولا خير في التمذيق، أرى أن تصل حبلك بحبله وتشخص إليه، قال: أرى ويقضي الله؛ وانصرف المغيرة، ومضى زياد بعد يوم أو يومين من مضيّ المغيرة فسار حتّى صار إلى معاوية، فسأله معاوية عن المال فضمن له أن يحمل إليه الفي ألف درهم، فرضي بذلك.
وقال الهيثم بن عديّ: قال المغيرة لمعاوية، ومعاوية بالكوفة: أترضى بأن يكون زياد وهو في دهائه ورأيه متحصّنا في قلعة بفارس؟ قال: فما ترى؟ قال: أرى أن أشخص إليه فآتيك به، قال: افعل.
قالوا: وشخص زياد إلى العراق لحمل الألفي ألف إلى معاوية، فلقيه مصقلة بن هبيرة الشيباني فقال له: أين تريد يا أبا الفضيل؟ قال:
معاوية، قال: فلك عشرة آلاف درهم معجّلة ومثلها مؤجّلة إن ألقيت إليه ما أقول لك، إذا لقيته فقل له: يا أمير المؤمنين كان زياد عندك وقد أكل العراق برّه وبحره، فخدعك حتّى رضيت منه بألفي ألف درهم، ما أرى ما تقول الناس من أن زيادا ابن أبي سفيان إلاّ حقا، فضمن له ذلك، فلمّا لقي معاوية ألقي إليه ما قال له زياد، قال: أو قالوها؟ قال: نعم، فبعث معاوية إلى زياد فقدم عليه فادّعاه؛ وقال معاوية للمغيرة: يا أبا عبد الله سبقك زياد إليّ وقد خرجت قبله، فقال: يا أمير المؤمنين انّ الأريب إذا كتم الأريب شامه خذ حذرك واطو عنّي شرّك، إن زيادا قدم يرجو الزيادة وقدمت أتخوّف النقصان، فكان سيرنا على حسب ذلك.