الجاهليّة، ورجع وذكره يقطر، وهو يقول: لعنها الله فما أنتنها! فقال زياد: أدّ شهادتك ولا تفحش، فإنّما دعيت شاهدا ولم تدع شاتما.
قالوا: فلمّا تكلّم معاوية على المنبر، تكلّم زياد فقال: أيّها الناس إنّ أمير المؤمنين والشهود قد قالوا ما سمعتم، ولست أدري ما حقّ هذا من باطله، وهو وهم أعلم، وإنّما عبيد أب مبرور ووال مشكور، ثمّ نزل.
وقد كان معاوية بعث إلى سعيد بن عبيد أخي صفية بنت عبيد، فأرضاه حتّى أقرّ ورضي بما صنع معاوية، وأبى يونس ابنه أن يرضى، وطلب الدخول على معاوية فلم يصل إليه، فلمّا كان يوم الجمعة ومعاوية يخطب على المنبر، أقبل يونس بن سعيد حتّى قام بين يديه فقال: يا معاوية قضى رسول الله ﷺ بأنّ الولد للفراش وللعاهر الحجر، وإنّك قضيت بالولد للعاهر وجعلت للفراش الحجر، فاتّق الله فو الله لئن كان زياد ابن أبي سفيان إنّه لعبدي ومولاي أعتقته عمّتي، فقال معاوية: والله لتكفّنّ يا يونس أو لأطيرنّ نعرتك (١) -ويقال أنّه قال له: والله لتكفّنّ يا يونس أو لأطيرنّ بك طيرة بطيئا وقوعها - فقال يونس بن سعيد: أو ليس المرجع بي وبك بعد إلى الله؟ وقال الشاعر:
وقائلة إمّا هلكت وقائل … قضى ما عليه يونس بن سعيد
قضى ما عليه ثمّ ودّع ماجدا … وكلّ فتى سمح الخليقة مودي
وقال ابن الكلبي، قال يونس بن سعيد العلاجي: ردّ عليّ ولاء عمّتي من زياد، فقال: أتركت شرب ما في الدنان؟ قال: نعم، وترك أبي الزّنا في الجاهلية.