للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان زياد يقول: المروءة اجتناب الريب وإصلاح المال وقيام الرجل بأمر أهله، فإنّه لا يستكمل النّبل من احتاج أهله إلى غيره.

المدائني قال: قال زياد لعجلان حاجبه: كيف تأذن للناس؟ قال: أبدأ بأهل السابقة والقدم، ثمّ أدعو أهل الشرف، ثمّ ذوي الأسنان، قال: فقد ولّيتك حجابتي وعزلتك عن أربعة: المنادي بالصلاة، وطارق الليل فأمر جاء به، ورسول صاحب الثغر فإن أبطأ ساعة فسد بإبطائه عمل سنة، وصاحب الطعام إذا أدرك طعامه فإنّه إذا أعيد إسخان الطعام فسد.

قالوا: وكان زياد يقول: ما أعلم شيئا بعد الإخلاص وأداء الفرائض أفضل من نصيحة الوالي رعيّته.

قالوا: وكان زياد يقول: لأن يجاور أحدكم أسدا في أجمة خير له من أن يجاور تاجرا إذا شاء أن يسلفه أسلفه وكتب عليه صكّا.

وقال هشام بن الكلبي عن عوانة: قدم زياد على معاوية في بعض وفاداته فقال له: ما بلغ من سياستك رعيّتك؟ قال: أقمتهم بعد جنف (١)، وكففتهم عمّا لا يعرف، فأذعن المعاند رغبة، وخضع الأصيد الغشوم رهبة، قال: لله أبوك، فبأي شيء صيّرتهم إلى ذلك؟ قال: بالمرهفات القواضب يمضيها الحزم يتبعه العزم، فقال معاوية: أنا ابن هند، لكنّي ضبطت رعيتي بالحلم والحجى، وتودّدت ذوي الضغن بالبذل والإعطاء، واستملت العامّة بأداء الحقوق، وعقبت بين أهل الثغور فسلمت لي الصدور عفوا، وانقادت لي الأخشّة (٢) طوعا.


(١) - الجنف: الميل. القاموس.
(٢) - أي الرجال الاشداء. القاموس.