المدائني قال: كان زياد يقول من قدر فلا يمنعنّ حسن الاستماع.
حدثني عبد الله بن صالح حدثني بعض أصحابنا أنّ رجلا قدّم إلى زياد صديقا له في منازعة كانت بينهما، فقال: أصلح الله الأمير إنّه يدّعي أنّ بينك وبينه مودّة، فقال: صدق وأنا ناظر فيما بينكما، فإن ثبت لك عليه حقّ أدّيناه عنه، وإن ثبت له عليك شيء أخذناك به له أخذا عنيفا.
المدائني عن مسلمة، قال: شخص زياد إلى معاوية ومعه الأحنف وعدّة من وجوه أهل البصرة، فقال زياد: يا أمير المؤمنين أشخص أقواما إليك الرّغبة، وأقعد آخرين العذر، ولكلّ من سعة رأيك وفضلك ما تجبر المتخلّف، ويكافأ به الشاخص، فقال الأحنف: ما نعدم منك يا أمير المؤمنين نائلا جزيلا وبلاء جميلا ووعدا ناجزا، وزياد عاملك المستنّ بسنّتك المحتذي لمثالك، ونستمتع الله بك، فما نقول الا كما قال زهير، فإنّه ألقى عن المادحين فضل الكلام حين قال:
وما يك من خير أتوه فإنّما … توارثه آباء آبائهم قبل (١)
فحباهم معاوية وبعث معهم إلى من تخلّف من الوجوه بصلات.
حدثني الحررمازي عن جهم بن حسّان السليطي وغيره قالوا: كتب زياد كتابا قرئ على أهل المصر نسخته: أمّا بعد، فالحمد لله على إفضاله وإحسانه، وإيّاه أسأل المزيد في نعمائه، وإليه أرغب في زيادتنا شكرا كما زادنا إحسانا، ثمّ إنّ الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء والغيّ المورد أهله النار ما يأتيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم، من الأمور العظام التي ينبت عليها
(١) - شرح ديوان زهير بن أبي سلمى - ط. القاهرة ١٩٦٤ ص ١١٥.