المدائني عن مسلمة وغيره قالوا: كان زياد يؤخّر العشاء الآخرة حتى يكون آخر من يصلّي، ثمّ يأمر رجلا فيقرأ سورة البقرة أو غيرها من الطوال ويرتّل القرآن، فإذا أمهل بقدر ما يرى أنّ إنسانا يبلغ الخريبة أمر صاحب شرطته بالخروج، فيخرج فلا يرى انسانا إلا قتله.
حدثني عبّاس بن هشام الكلبي عن أبيه عن عوانة وغيره قالوا: لمّا جمع معاوية لزياد الكوفة والبصرة في سنة خمسين كان يخلّف سمرة بن جندب الفزاري حليف الأنصار بالبصرة إذا خرج إلى الكوفة، ويخلفه بالكوفة إذا خرج إلى البصرة عمرو بن حريث، وكان يقيم بالبصرة ستّة أشهر وبالكوفة ستّة أشهر، وكان سمرة يحدث أحداثا عظيمة من قتل الناس وظلمهم، أعطى رجل زكاة ماله ثمّ صلّى ركعتين فأمر به سمرة فقتل، فقال أبو بكرة:
ما شأن هذا؟ فأخبروه فقال: لقد قتله سمرة عند أحسن عمله فاشهدوا أنّه منّي وأنا منه، ثمّ قال لسمرة: ويلك لم قتلت رجلا عند أحسن عمله؟ فقال:
هذا عمل أخيك زياد هو يأمرني بهذا، فقال: أنت وأخي في النار، أنت وأخي في النار، وتلا أبو بكرة، ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى﴾ (١) ويزعمون أنّ زيادا نهاه بعد ذلك عن القتل.
حدثني عبيد الله بن عمر القواريري عن أبي المعلّى الجنّاني عن أبيه قال: كنت واقفا على رأس سمرة بن جندب فقدم إليه بضعة عشر رجلا،