للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ميراث الحتات المجاشعي بلغ زيادا فغضب وازداد عليه حنقا، فطلبه فلم يقدر عليه، ثمّ استعدت نهشل وبنو فقيم عليه زيادا حين هجا بني نهشل وبني فقيم، فلم يعرفه زياد، فقيل هذا الذي نثر الدراهم وقال الشعر، فطلبه فهرب إلى عيسى بن نضلة السلمي فحمله على ناقة وخرج في الليل يريد الشام وقال:

حباني بها البهزيّ حملان ناصر … من الناس والجاني تخاف جرائمه

إذا أنت جاوزت الغريّين فاسلمي … وأعرض من فلج ورائي مخارمه (١)

وبلغ زيادا خروجه، فوجّه في طلبه فلم يقدر عليه، وجعل زياد إذا نزل البصرة نزل الفرزدق الكوفة، وإذا نزل الكوفة أتى البصرة، فكتب زياد إلى عامله على الكوفة في طلبه.

وكان الفرزدق يقول: طلبت حتّى تفطّن الناس بمذاهبي، فأتيت أخوالي من بني ضبّة فحملوني ووجّهوا معي رجلا من بني تيم اللات بن ثعلبة ليدلّني على الطريق، فعرض لنا الأسد على متن طريقنا فلم نهجه حتّى أصبحنا، فقلت:

ما كنت أحسبني جبانا بعد ما … لاقيت ليلة جانب الأنهار

ليثا كأنّ على يديه رحالة … شثن البراثن مؤجد الأظفار

لمّا سمعت له زماجر أجهشت … نفسي إليّ وقلت أين فراري

فربطت جروتها وقلت لها اصبري … وشددت في ضيق المقام إزاري

فلأنت ألين من زياد جانبا … فاذهب إليك مخرّم السفّار (٢)


(١) - ديوان الفرزدق ج ٢ ص ٢٠٤ - ٢٠٥ مع فوارق.
(٢) - ديوان الفرزدق ج ١ ص ٢٥٧ مع فوارق.