وجدّ زياد في أمر أصحاب حجر وطلبهم أشدّ الطلب، فأخذ من قدر عليه منهم، فأتي بربعيّ بن حراش العبسي بأمان فقال: والله لأجعلنّ لك شغلا بنفسك عن تلقيح الفتن، ودعاه إلى الوقيعة في عليّ فأبى فحبسه، ثمّ كلّم فيه فأخرجه، وأتي بكريم بن عفيف الخثعمي، فقال: ويحك ما أحسن اسمك وأقبح فعلك!! وأمر به إلى الحبس.
وجاء رجل من بني شيبان إلى زياد فقال له: انّ امرءا منّا يقال له صيفيّ بن فشيل من رؤساء أصحاب حجر وهو أشدّ الناس عليك، فبعث إليه فأتي به فقال: يا عدوّ الله، ما تقول في أبي تراب؟ قال: ومن أبو تراب؟ قال: ما أعرفك به، أما تعرف عليّ بن أبي طالب؟ قال: الذي كنت عامله؟ ذاك أبو الحسن والحسين، فقال له صاحب شرطه: يقول لك الأمير أبو تراب وتقول: لا؟! قال: أكذب إن كذب الأمير وأشهد بالباطل كما شهد؟ فقال زياد: ما قولك في عليّ؟ فقال: أحسن قول أقوله في أحد من عباد الله، أقول مثل قولك فيه قبل الضلال، قال: اضربوا عاتقه بالعصا حتّى يلصق بالأرض، فضرب حتّى لصق بالأرض، ثمّ قال: أقلعوا عنه، ما قولك في عليّ؟ قال: لو شرّحتني بالمواسي والمدى ما زلت عمّا سمعته منّي، قال: لتلعنّنه أو لأضربنّ عنقك، قال: إذا تضربها قبل ذلك، فألقوه في السجن.
وبلغ زيادا أنّ عبد الله بن خليفة الطائي بالكوفة، وكان قد قاتل مع حجر رضي الله تعالى عنه، فحبس عدّي بن حاتم ليأتي به، فلم يبق أحد من نزار واليمن بالكوفة إلاّ ارتاع واغتمّ لحبسه، وبعث إليه عبد الله: إن احببت أن أخرج فعلت، فبعث إليه: لو أنّك تحت قدمي ما رفعتها عنك،