وابن عساكر في تاريخ دمشق، وياقوت الحموي في معجم الأدباء، وابن العديم في تاريخ حلب، والذهبي في سير أعلام النبلاء، ومحمد بن شاكر الكتبي في فوات الوفيات، وابن حجر في لسان الميزان. ولم يترجم له الخطيب البغدادي مع أنه توفي بعده بأكثر من ثلاثة أرباع القرن.
ويعدّ البلاذري واحدا من أبرز مؤرخي القرن الثالث الهجري، وهو بحق من أشهر مؤرخي الفتوحات.
وقد ولد على الأرجح في بغداد، ولعل ذلك كان فيما بين سنة ١٧٠ - ١٨٠ هـ /٧٨٦ - ٧٩٦ م، ذلك أننا لا نعرف تاريخ ميلاده بشكل محدد، ولا حتى تاريخ وفاته، لكن يمكن افتراض هذا التاريخ على أساس ما ورد في ترجمته لدى ابن عساكر: أنه مدح المأمون بشعره، وأن يصل البلاذري كشاعر إلى بلاط المأمون يفترض أنه كان في العقد الثالث من عمره على الأقل.
وعاش البلاذري مطلع شبابه في بغداد في جو تفتحت فيه أزاهير الأدب واينعت ثمار العلم، ونشطت حركة الترجمة والنقل بعد أن فتحت النوافذ على ثقافات الأمم الأخرى، وكان من الطبيعي أن يتأثر هو بمثل هذا الجو الأدبي والعلمي ولا عجب وقد كان من أسرة عرفت بممارستها للأدب، فقد كان جده جابر بن داود يكتب للخصيب صاحب مصر.
وقد تنوعت مواهب البلاذري فكان كاتبا أديبا، شاعرا، راوية للأخبار، نسّابة. وامتاز بذهن متوقد وبذاكرة تختزن المعلومات الغزيرة.
وقد تتلمذ على عدد من مشاهير العلماء والمحدثين في بغداد من أمثال:
عفان بن مسلم، وأحمد بن ابراهيم الدورقي، ومحمد بن الصبّاح الدولابي، وعلي بن المديني، وعبد الله بن صالح العجلي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وعلي بن محمد المدائني، وعثمان بن أبي شيبة، ومصعب