للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحمل زياد حجرا وأصحابه إلى معاوية في السلاسل على جمال اكتراها لهم صعابا، ووجّه معهم شبث بن ربعي الرياحي، ووائل بن حجر الحضرمي، ومصقلة بن هبيرة الشيباني - ويقال ابنه وذلك أثبت - وكثير بن شهاب الحارثي، وكتب إليه: قد بعثت إليك بحجر ووجوه أصحابه؛ فلمّا نفذوا قال عبيد الله بن الحرّ الجعفي: ألا أجد خمسين فارسا ألا عشرين ألا خمسة نفر يتبعوني فأتخلّصهم؟! فلم يجبه أحد، ومضى بهم إلى الشام، فلم يدخلوا على معاوية، وأمر أن يحبسوا في مرج عذراء، فحبسوا هناك.

وكتب معاوية إلى زياد: إنّي متوقّف في أمرهم. وتوقّف معاوية في أمرهم، فمرة يرى قتلهم ومرّة يرى الصفح عنهم، فكتب إليه زياد: قد عجبت من اشتباه الأمر عليك في حجر وأصحابه، وقد حضرت أمرهم، وشهد خيار أهل المصر بما شهدوا به عليهم، فإن كانت لك في المصر حاجة فلا تردّن حجرا وأصحابه. فلمّا قرأ معاوية الكتاب في جواب ما كتب به إلى زياد قال: ما ترون يا أهل الشام؟ فقال عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي، وهو ابن أمّ الحكم أخت معاوية: جذادها جذادها (١)، فقال معاوية: لا يغني أمرا، وقال يزيد بن أسد البجلي: أرى أن تفرّقهم في قرى الشام فيكفيكهم طواعينها، وقال له سعيد بن العاص: فرّقهم في قبائلهم بالشام يكفل كلّ قوم صاحبهم، ولعلّ طواعين الشام تكفيك أمرهم.

فكلّم معاوية في وقاء بن سميّ وعاصم بن عوف، وكتب فيهما جرير بن عبد الله البجلي، فشفّعه معاوية ووهبهما له، وكلّمه أبو الأعور السلمي في


(١) - جذذ: قطع، أي اقتل اقتل. النهاية لابن الأثير.