للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيم الله لئن بلغني عنك شيء أكرهه لأحرصن على قتلك، فانظر أو دع، فخرج زياد فلحق بالبصرة، واجتمع إلى حجر قرّاء أهل الكوفة، فجعل لا ينفذ لعامل زياد معهم أمر، ولا يريد شيئا إلا منعوه إيّاه، فكتب إلى زياد:

إنّي والله ما أنا في شيء مع حجر وأصحابه، وأنت أعلم، فركب زياد بغاله حتّى اقتحم الكوفة، فلمّا قدمها تغيّب حجر، فجعل يطلبه فلا يقدر عليه، فبينا زياد جالس يوما وأصحاب الكراسيّ حوله فيهم محمّد بن الأشعث بن قيس إذ أتى ابن الأشعث ابنه فناجاه وأخبره أنّ حجرا قد لجأ إلى منزله، فقال له زياد: ما قال ابنك؟ قال: لا شيء، قال: والله لتخبرنّي ما قال لك حتّى أعلم أنّك قد صدقتني، أو لا تبرح مجلسك حتّى أقتلك، فلمّا عرف ابن الأشعث رأيه أخبره، فقال لرجل من أشراف أهل الكوفة: قم فاتني به، قال: أعفني أصلحك الله من ذلك وابعث غيري، فقال: لعنة الله عليك مخبث خبيث، والله لتأتينّي به أو لأقتلنّك، فخرج الرجل فدخل عليه حتّى أخبره وقال له: ابعث إلى جرير بن عبد الله ليكلّمه فيك، فإنّي أخاف أن يعجل عليك، فدخل جرير على زياد فكلّمه فيه، فقال: هو آمن أن أقتله، ولكنّي أخرجه إلى معاوية فجاء به على ذلك، فأخرجه من الكوفة ورهطا معه، وكتب إلى معاوية أن أغن عنّي حجرا إن كان لك بما قبلي حاجة، فبعث معاوية إليه فتلقي بالعذراء فقتل هو وأصحابه. وولي زياد العراق ومات سنة ثلاث وخمسين (١).


(١) - بهامش الأصل: بلغ العرض بالأصل الثالث ولله كل حمد.