للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مروان: ما أخطأ مكة، فوجّه الوليد في طلبه حبيب بن كرّة مولى بني اميّة في ثلاثين راكبا من موالي بني أميّة فلم يلحقوه وتشاغلوا عن الحسين بطلب ابن الزبير، فخرج الحسين ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستّين، وسمع عبد الله بن الزبير جعفرا أخاه يتمثّل ببيت متمّم بن نويرة الحنظلي:

وكلّ بني أمّ سيمسون ليلة … ولم يبق من أعقابهم غير واحد

فتطيّر ابن الزبير فقال لجعفر أخيه: ما أردت بإنشادك هذا البيت؟ قال: ما أردت إلاّ خيرا؛ ونزل ابن الزبير مكة وعليها عمرو الأشدق بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أميّة فقال: إنّما أنا عائذ ولم يكن يصلّي بصلاتهم، ولزم جانب الكعبة فكان يصلّي عندها عامّة نهاره ويطوف، يأتي الحسين بن عليّ فيشير عليه بالرأي في كلّ يومين وثلاثة أيّام، وحسين أثقل الناس عليه لعلمه بأنّ أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام حسين بالبلد، لأنّ حسينا كان أعظم في أنفسهم وأطوع عندهم، فأتاه يوما فحادثه ساعة ثم قال: ما أدري ما تركنا هؤلاء القوم وكفّنا عنهم ونحن أبناء المهاجرين وأولي الأمر منهم، فخبّرني بما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين:

والله لقد حدّثت نفسي بإتيان الكوفة، فإنّ شيعتي بها، وأشراف أهلها قد كتبوا إليّ في القدوم عليهم، وأستخير الله، فقال ابن الزبير: لو كان لي بها مثل شيعتكم ما عدلت بها، ثم خشي أن يتّهمه فقال: إنّك لو أقمت بالحجاز ثم أردت الأمر هاهنا ما خولف عليك إن شاء الله، ثم خرج من عنده فقال الحسين: ما شيء من أمر الدنيا يؤتاه أحبّ إليه من خروجي عن الحجاز لأنّه قد علم أنّه ليس له معي من الأمر شيء.