للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الوليد رجلا محبّا للعافية فقال: انصرف على اسم الله حتى تبايع مع جماعة الناس، فقال مروان: لئن فارقك الساعة لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى يكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه، قال: فوثب الحسين فقال: يا بن الزرقاء كذبت والله [و] لؤمت لا تقدر ولا هو على ضرب عنقي، ثم خرج فقال مروان للوليد:

لتندمنّ على تركك إيّاه، فقال: يا مروان إنّك أردت بي التي فيها هلاك ديني، والله ما أحبّ أن أملك الدنيا بحذافيرها على أن أقتل حسينا، إنّ الذي يحاسب بدم الحسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة.

وقال بعض أهل العلم: حجب الوليد بن عتبة أهل العراق عن الحسين، فقال له: يا ظالما لنفسه عاصيا لربّه، علام تحول بيني وبين قوم عرفوا من حقّي ما جهلته وعمّك معاوية؟ فقال الوليد: ليت حلمنا عنك لا يدعو جهل غيرنا إليك، فجناية لسانك مغفورة لك ما سكنت يدك فلا تخطر بها فيخطر بك.

وخرج الحسين إلى مكة في بنيه وإخوته وبني أخيه وجلّ أهل بيته غير محمد ابن الحنفيّة فإنّه قال له: يا أخي أنت أعزّ الناس عليّ، تنحّ عن مروان ببيعتك وعن الأمصار، وابعث رسلك إلى الناس فإن أجمعوا عليك حمدت الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله دينك ومروءتك وفضلك، إنّي أخاف أن تدخل بعض الأمصار ويختلف الناس فيك ويقتتلون فتكون لأوّل الأسنّة، فإذا خير الناس نفسا وأمّا وأبا قد ضاع دمه وذلّ أهله، قال: وأين أذهب يا أخي؟ قال: تنزل مكة فإن اطمأنت بك الدار وإلاّ لحقت باليمن، فإن اطمأنت بك وإلاّ لحقت بشعف الجبال حتى تنظر