ولا ألين لغير الحقّ أسأله … حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
يا بن عضاه والله ما أصبحت أرهب الناس ولا الباس، وإنّي لعلى بيّنة من ربّي وبصيرة من ديني، فإن أقتل فهو خير لي، وإن مت حتف أنفي فالله يعلم إرادتي وكراهتي لأن يعمل في أرضه بالمعاصي، وأجاب الباقين بنحو من هذا القول.
وقال الواقدي والهيثم بن عديّ في روايتهما: قال ابن الزبير لابن عضاه: إنّما أنا حمامة من حمام هذا المسجد، أفكنتم قاتلي حمامة من حمام المسجد؟! فقال ابن عضاه: يا غلام ائتني بقوسي وأسهمي، فأتاه بذلك، فأخذ سهما فوضعه في كبد القوس ثم سدّده لحمامة من حمام المسجد وقال:
يا حمامة أيشرب يزيد الخمر؟ قولي نعم، فو الله لئن قلت لأقتلنّك، يا حمامة أتخلعين أمير المؤمنين يزيد وتفارقين الجماعة وتقيمين بالحرم ليستحلّ بك؟ قولي نعم، فو الله لئن قلت لأقتلنّك. فقال ابن الزبير: ويحك يا بن عضاه أو يتكّلم الطير؟ قال: لا ولكنّك أنت تتكّلم، وأنا أقسم بالله لتبايعنّ طائعا أو كارها أو لتقتلن، ولئن أمرنا بقتالك ثم دخلت الكعبة لنهدمنّها أو لنحرقنها عليك، أو كما قال، فقال ابن الزبير: أو تحلّ الحرم والبيت؟ قال: إنّما يحلّه من ألحد فيه.
وقال لوط بن يحيى أبو مخنف: قدم الأشدق المدينة واليا عليها وحجّ في تلك السنة في جماعة من مواليه وهو خائف من ابن الزبير، وكان يزيد قد ولاّه الموسم، فأتاه ابن الزبير فسكن لذلك وأتى عمرو ابن عباس فشكا ابن الزبير فقال: عليكم بالرفق فإنّ له قرابة وحقا، ثم انصرف الأشدق إلى المدينة.