للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وكتب ابن الزبير إلى يزيد عن أهل مكة: إنّك بعثت إلينا رجلا أخرق لا يتّجه لأمر رشد ولا يرعوي لعظة الحليم، فلو بعثت إلينا رجلا سهل الخليفة ليّن الكنف لرجونا أن يسهل من هذه الأمور ما استوعر، وأن يجمع منها ما تفرّق، فانظر في ذلك، فإنّ فيه صلاح خواصّنا و عّوامنا.

فلما ورد الكتاب عليه عزل الوليد وولّى عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فقدم عليهم فتى حدث لم تحنكه الأمور ولم تحكمه التجارب ولم تجرّسه (١) الأيّام.

وقال المدائني: قدم عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب على يزيد فقال له: قد لججت في أمر ابن عمّك، فلو أعطيته شيئا يطمئنّ إليه، فقال له:

قد ولّيتك مكة فاعمل في أمره بما يطمئنّ به، فمال الى ابن الزبير ميلا شديدا وقال له: أنت أحبّ إليّ من اولاد الطلقاء، فعزله يزيد وولّى عبد الله بن معين (٢) بن عبد الأسد المخزومي.

قال: وقدم مروان على ابن الزبير فقال له: إنّ القوم لا يدعون سلطانهم حتى يذبّوا عنه، وخوّفه أهل الشام، فلم يجبه إلى شيء ممّا أشار به عليه.

وقال الهيثم: تحّصن سعد مولى عتبة بن أبي سفيان بالطائف في خمسين رجلا فاستنزلهم ابن الزبير وضرب أعناقهم في الحرم، فقال ابن عمر:

يا سبحان الله ما أحمق هذا الرجل، أما أنّه لم يقتل أحد أحدا بالحرم إلاّ قتل به؛ وقال ابن عبّاس: لو لقيت قاتل أبي بالحرم ما قتلته.


(١) - التجريس: التحكيم والتجربة. القاموس.
(٢) - بهامش الأصل: سفيان.