للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث يزيد إلى النعمان بن بشير فقال له: إنّ عدد الناس بالمدينة الأنصار وهم قومك، فأتهم فافثأهم عمّا يريدون، فصار النعمان إلى قومه فاستنهاهم من أنفسهم، وحذّرهم جنود أهل الشام، ورغّبهم في بيعة يزيد فقال له عبد الله بن مطيع العدوي: يا نعمان قد جئتنا بأمر تريد به تفريق جماعتنا وإفساد ما قد أصلح الله من أمرنا، فقال: النعمان: كأنّي بك على بغلتك تضرب جنبيها ثم تلحق بمكة، وتترك هؤلاء المساكين من الأنصار يقتلون في سككهم ومساجدهم، فلم يلتفت إلى قوله؛ وكان مع النعمان كتاب من يزيد نسخته: من عبد الله يزيد أمير المؤمنين إلى أهل المدينة أمّا بعد فقد أنظرتكم حتى لا نظرة، ورفقت بكم حتى عجّزت عندكم، وحملتكم على رأسي ثم على عيني ثم على نحري، وأيم الله لئن وضعتكم تحت قدمي لأطأنكم وطأة أجعلكم بها أحاديث تؤثر مع أحاديث عاد وثمود، وتمثّل بهذين البيتين:

أظنّ الحلم دلّ عليّ قومي … وقد يستضعف الرجل الحليم

ومارست الرجال ومارسوني … فمعوجّ عليّ ومستقيم

ووثب أهل المدينة على عثمان بن محمد ومن بالمدينة من بني أميّة ومواليهم ومن عرف بالميل إليهم من قريش، وكانوا زهاء ألف، فأخرجوهم. فخرجت بنو أميّة حتى نزلوا بجماعتهم دار مروان، فحاصرهم الناس في دار مروان وهو معهم وابنه عبد الملك حصارا ضعيفا، وهتفوا بخلع يزيد، فكتب مروان ومن معه بخبرهم إلى يزيد كتابا مع حبيب بن كرّة، فلما قدم حبيب على يزيد دفع الكتاب إليه ورجلاه في الماء لنقرس عرض له، فقال: يا حبيب ما كان بنو أميّة بالمدينة ألف رجل؟ فقال: بلى