للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أمير المؤمنين، قال: فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعة من نهار؟ وقرأ يزيد الكتاب على عمرو بن سعيد الأشدق وعرض عليه أن يصير إلى المدينة فقال:

قد كنت ضبطت لك البلد وأحكمت الأمور وأردت أن ألطف للرجل فآخذه في رفق أو أقتله وحده بحيلة، فأمّا الآن فإنّي لا أحبّ هراقة دماء قريش، فبعث بالكتاب إلى مسلم بن عقبة المرّي، فجاء حتى دخل على يزيد فقال:

يا أمير المؤمنين ما أعجب هذا، أما قدروا وهم ألف رجل أن يقاتلوا عن أنفسهم ساعة واحدة؟ ثم أمره يزيد بالشخوص ونادى مناديه في الناس بالمسير إلى الحجاز على أن يعطوا أعطياتهم كملا ويعان كلّ امرئ منهم بمائة دينار، وانتدب اثنا عشر ألفا وركب يزيد فرسا وتقلّد سيفا وتنكّب قوسا وأقبل يتصفّح الخيل ويقول:

أبلغ أبا بكر إذا الجيش انبرى … وأشرف القوم على وادي القرى

أجمع سكران من الخمر ترى … أم جمع يقظان إذا حثّ السرى

وا عجبا من ملحد وا عجبا … مخادع في الدين يقفو بالفرى

ولما بلغ أهل المدينة خبر من أقبل عليهم حصروا بني أميّة في دار مروان حصارا شديدا وضيّقوا عليهم وقالوا: لا نكفّ عنهم حتى يوثقوا لنا بالعهد أنّا إذا جليناهم من المدينة لم يبغونا غائلة ولم يدلّوا لنا على عورة ولم يظاهروا علينا أحدا، ففعلوا ذلك، ثم أخرجوهم بأثقالهم وأموالهم فمضوا إلى الشام.

وقال يزيد لمسلم بن عقبة: أنت أمير الجيش وإن حدث بك حدث فأمير الجيش الحصين بن نمير السكوني، فإذا وردت المدينة فادع الناس ثلاثا، فإن أجابوك وإلاّ فقاتلهم، فإن ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا، فما كان