إلاّ إخراجهم، وعقدوا لهم لواء، فكانوا أوّل من انهزم بالناس، وكانوا عمدوا إلى لوائهم فجعلوا حوله الحجارة وعمدوه بها حتى تماسك، ثم انصرفوا فجعل أهل البصائر يرون لواءهم منصوبا فيقاتلون عنده حتى كاد أهل الشام يفنون فكان مسرف يقول: ويلكم لمن هذا اللواء؟ فيقال للداريّين العطّارين، فيقول: ما لي وللعطّارين؛ فلما فرغ مسرف من أمر أهل الحرّة ذكر أمرهم في كتابه إلى يزيد، فكتب يزيد إلى عامله بالبحرين، فأعزم أهل دارين أربعمائة ألف درهم؛ قال: وقتل يومئذ ابن حنظلة الغسيل، ومحمد بن عمرو بن حزم وعبد الله بن أبي عمرو بن حفص المخزومي، وعبيد الله، وسليمان ابنا عاصم بن عمر بن الخطّاب. وأباح مسرف المدينة ثلاثة أيّام حتى كانوا ينقضون صوف الفرش ويأخذونها، وشخص عن المدينة وبه السلّ فمات، ودفن بالمشلّل، واستخلف على عسكره حصين بن نمير.
حدثنا خلف وأحمد بن إبراهيم حدثنا وهب بن جرير عن جويرية عن أشياخ أهل المدينة أنّ معاوية قال ليزيد ابنه: إنّ لك من أهل المدينة يوما فإن فعلوها فارمهم بمسلم بن عقبة فإنّه رجل قد عرفنا نصيحته، فلما ملك يزيد وفد إليه وفد أهل المدينة، وكان فيهم عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، وكان حنظلة استشهد يوم أحد فغسلته الملائكة، وكان عبد الله شريفا عابدا، ومعه ثمانية أولاد له، فأعطاه مائة ألف وأعطى كلّ واحد من بنيه عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملانهم، فلما رجع إلى المدينة سألوه عن يزيد فقال: جئتكم من عند رجل والله إن لو لم أجد غير بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم، فقالوا: بلغنا أنّه أجازك وأعطاك، فقال: ما قبلت ذلك منه إلاّ لأقوى به