جرديّة لا تحتمل الدوابّ، ولا تمنع أهل الشام من الحملة، ولا تمكّن قريشا من أذنك فإنّهم قوم خدع، وليكن أمرك الوقاف ثم الثقاف ثم الانصراف، أفهمت يا حصين؟ قال: نعم، قال: واعلم أنّك تقدم على قوم لا منعة لهم ولا عدّة ولا سلاح، ولهم جبال مشرفة عليهم، فانصب عليهم المجانيق فإن عاذوا بالبيت فارمه فما أقدرك على بنائه. وأقام حصين بمرّ الظهران ثلاثة أيّام.
وقال الواقدي: دخل الحصين مكة لثلاث بقين من المحرّم سنة أربع وستّين.
قالوا: وخطب ابن الزبير الناس وحرّضهم على قتال أهل الشام، ودعاهم إلى بيعته فبايعه أهل مكة على القتال، وأتاه فلّ أهل الحرّة فصار في بشر كثير، وقدم عليه نجدة بن عامر الحنفي في ناس من الخوارج وفيهم حسّان بن بحدج الحنفي ليمنعوا البيت من أهل الشام، فقال عبد الله بن الزبير لأخيه المنذر بن الزبير: ما يريد هؤلاء، يعني أهل الشام، إلا أنا وأنت - قال أبو مخنف: وكان المنذر شهد الحرّة ثم لحق بأخيه، وقال غيره: لم يشهدها - فناهضهم المنذر ساعة ثم دعاه رجل من أهل الشام إلى البراز فاختلفا ضربتين فسقط المنذر والشاميّ قتيلين - وقال بعضهم: لم يقتل المنذر في هذا الحصار ولكنّه قتل في الحصار الثاني.
وقال لي مصعب بن عبد الله الزبيري: الرواة تدخل من خبر هذا الحصار في هذا وخبر هذا في هذا - قال: ودعا عبد الله لنفسه واجتمع على خلافته بعد موت يزيد وكان قبل ذلك يدعو إلى الشورى.