للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولحقه أهل الشام فقتلوه، فقال ابن مفرّغ:

لابن الزبير غداة يأمر منذرا … أولى بغاية كلّ يوم دفاع

وأحقّ بالصبّر الجميل من امرئ … كز أنامله قصير الباع (١)

وقال المدائني: قتل المنذر بن الزبير، وأبو بكر بن الزبير، وحذافة بن عبد الرحمن بن العوّام، والمقداد بن الأسود بن العوّام، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف بعد أن قتل خمسة من أهل الشام وانحنى سيفه فقال:

سنورد بيضا ثمّ نعقب حمرة … وفيها انحناء بيّن بعد تقويم

وقاتل مصعب بن عبد الرحمن يوما حتى يبست يده، فدعا ابن الزبير بشاة فحلبت على يده حتى لانت. وقال ابن الزبير: ما كنت أبالي إذا كان المختار معي من فارقني، فما رأيت قطّ أشدّ قتالا منه.

قالوا: ووضع أهل مكة مجانيق أو خشبا حول الكعبة وجلّلوها بالجلود لتردّ عن الكعبة.

وقال المدائني عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة: أرسل النجاشي جماعة من الحبش للدّفع عن الكعبة وأعان ابن الزبير بهم، فضمّهم إلى أخيه مصعب بن الزبير فكانوا يقاتلون معه، فانكشفوا ذات يوم فاعتذروا وقالوا:

نحن أصحاب مزاريق نرمي بها من انكشف.

وقال ابو مخنف في روايته: مكث أهل الشام يقاتلون ابن الزبير حتى إذا مضى من شهر ربيع الأوّل أربعة عشر يوما مات يزيد، فمكثوا أربعين يوما لا يعلمون بموته، وبلغ ابن الزبير موته قبل أن يبلغ الحصين، وقد ضيّقوا على ابن الزبير مكة وحصروه حصارا شديدا، فقال: يا أهل الشام لماذا تقاتلون


(١) - ليسا في ديوانه المطبوع.