وحدثني محمد بن مصفّى الحمصي قال: سمعت مشايخ من مشايخنا يقولون: إنّ معاوية بن يزيد بن معاوية قبل البيعة وهو لها كاره، فلما مات أبوه أنفذت كتب بيعته إلى الآفاق فلم يرجع الجواب حتى مات، وكان فتى صالحا كثير الفكر في أمر معاده.
وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن ابن جعدبة عن صالح بن كيسان قال: ولّى يزيد بن معاوية معاوية بن يزيد ابنه الخلافة بعده وكان كارها لها، فلما مات أبوه خطب الناس فقال: إن كانت الخلافة خيرا فقد استكثر آل أبي سفيان منه، وإن كان شرّا فلا حاجة لنا فيه، فاختاروا لأنفسكم إماما تبايعونه هو أحرص على هذا الأمر منّي واخلعوني فأنتم في حلّ من بيعتي، فقالت له أمّه أمّ هاشم: لوددت يا بنيّ أنّك كنت نسيا منسيا وأنّك لم تضعف هذا الضعف، فقال: وددت والله أني كنت نسيا منسيا ولم أسمع بذكر جهنّم، فلما احتضر قيل له: لو بايعت لأخيك خالد بن يزيد فإنّه أخوك لأبيك وأمّك، فقال: يا سبحان الله كفيتها حياتي وأتقلّدها بعد موتي؟! يا حسّان بن مالك اضبط ما قبلك وصلّ بالناس إلى أن يرضى المسلمون بإمام يجتمعون عليه.
وحدثني هشام بن عمّار حدثني اسماعيل بن عيّاش عن عبد الله بن دينار عن مولى لمعاوية بنحوه وزاد فيه: فلما مات معاوية مال أكثر الناس إلى ابن الزبير وقالوا: هو رجل كامل السنّ، وقد نصر أمير المؤمنين عثمان، وهو ابن حواريّ رسول الله ﷺ، وأمّه بنت أبي بكر بن أبي قحافة، وله فضل في نفسه ليس كغيره؛ فما هو إلاّ أن ورد كتاب ابن الزبير بتولية الضحّاك بن قيس دمشق حتى سارعوا إلى طاعة ابن الزبير وبيعته، فأخذها الضحّاك له