قالوا: وكان عبيد الله بن زياد أوّل من طلب المثالب وعني بجمعها ليعارض الناس بمثل ما يقولون فيه.
أبو الحسن المدائني، قال: كان ابن زياد يقول حبّذا الإمارة لولا قعقعة البريد والتشزّن (١) للخطب.
وقال الهيثم بن عديّ: قال عبيد الله للاحنف: أيّ الشراب أطيب؟ قال: الخمر، قال: كيف علمت ذلك؟ قال: إنّي رأيت من استحلّها لا يتعدّاها، ومن حرمها يتناولها فعلمت أنها أطيبه، فضحك عبيد الله وقال:
صدقت.
قال: وكان ابن زياد يغري بين الشعراء فقال يوما لحارثة بن بدر الغداني أهج أنس بن زنيم فقال أعفني فلم يعفه فقال:
وحدّثت عن أنس أنّه … قليل الأمانة خوّانها
بصير بما ضرّ منه الصديق … وشرّ الأخلاء عورانها
فقال أنس:
أتتني رسالة مستكره … فكان جوابي غفرانها
وقال المدائني عن مسلمة: ولّى ابن زياد جزء بن معاوية عمّ الأحنف الفرات فاختان مائة ألف درهم، وعرف الأحنف ذلك فأخبر به ابن زياد فقال له عبيد الله: هات خاتمك فأخذه منه وبعث به إلى أهله مع رسل له:
هذا خاتم جزء وابعثوا بالمال الذي قدم به، فبعثوا بالمائة الألف مع رسل ابن
(١) - التشزن: التأهب والتهيؤ للشيء والاستعداد له، والمتشزن هو الذي يدع الطمأنينة في جلوسه، ويتعد مستوفزا على جانب. النهاية لابن الأثير.