للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذبتم ليته كان يشرب، فقال له بعض من حضره: انّما وجد بسرب. فلما أدخل عروة عليه قال: جهزّت عليّ أخاك، فقال: والله لقد أردته على المقام فأبى، ولقد كنت ضنينا وبحياته كثيرا، قال: أفأنت على دينه؟ قال: كلّنا نعبد ربّا واحدا، قال: فما قولك فيّ؟ قال: أوّلك لزنية وآخرك لدعوة، قال:

لأمثلنّ بك، قال: اختر لنفسك من القصاص ما أحببت، فأمر به فقطعوا يديه ورجليه، فقال: كيف ترى؟ قال: أراك أفسدت علي دنياي وأفسدت عليك آخرتك، وما أحبّ أنّ الذي نالني نال غيري، فأمر به أن يصلب في داره، فسقط عن الجذع فقال: لا حكم إلا الله ﴿وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (١)، فصلب، وسأل ابن زياد رجلا كان يخدم عروة عنه فقال: لم أفرش له بليل مذ صحبته ولم أعدّ له طعاما بنهار.

وتغيّب رجل من بني حنيفة فقتل ابن زياد كفيله.

وقال الرهين بن سهم المرادي:

[يا] نفس قد طال في الدنيا مراوغتي … لا تأمني لصروف الدهر تنغيصا

فأسأل الله بيع النفس محتسبا … حتّى ألاقي في الفردوس حرقوصا

وابن المنيح ومرداسا وإخوته … إذ فارقوا زهرة الدنيا مخاميصا

تخال صفّهم في كلّ معترك … للموت سورا من البنيان مرصوصا (٢)

وحدثنا أبو خيثمة وأحمد بن إبراهيم الدورقي عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن عيسى بن عاصم قال: خرج ابن زياد في رهان له، فلما جلس ينتظر الخيل جمع الناس وفيهم عروة بن أديّة، فأقبل عروة على ابن زياد


(١) - سورة التوبة - الآية:٣٣.
(٢) - ديوان شعر الخوارج ص ٧٦ - ٧٧.